كان زكّا يسعى ليرى مَن هو يسوع
1. توقُ زكّا العشّار، الرجلِ الخاطئ، إلى معرفة يسوع ولو بالنظر، علامةٌ ودعوة. هو علامة على أنَّ الشوق لمعرفة الله مكتوب في قلب كلّ إنسان. وهو دعوة لإذكاء هذا الشوق، لأنَّ الانسان مخلوق على صورة الله ومن اجل الله. فالتوق يكفي من قِبَلِ كل واحد منّا، لكي يضع المسيحُ ذاتَه على طريقنا. إنَّ زكّا الذي "كان يسعى ليرى مَن هو يسوع"، جاء يسوع لملاقاته في أريحا، وناداه باسمه، وشرَّفه بدخول بيته، فكان السبب في توبته وتغيير مجرى حياته، "فدخل الخلاصُ بيته". إنّنا نلتمس نعمة التوق إلى لقاء المسيح الرب، لقاءً شخصيّاً وجدانيّاً، يُصحِّحُ فينا الرؤية والمسلك والموقف، كما "كان زكّا العشّار يسعى ليرى مَن هو يسوع
2. نقرأ في كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية أنَّ "الله لن ينقطع عن اجتذاب الانسان إليه، لأنه في الله يجد الحقيقة والسعادة اللتين لن يتوقّف أبداً عن البحث عنهما"(فقرة 27). هذا ما يشرح، كما يؤكِّد التعليمُ المسيحي نفسُه، لماذا الشوق إلى معرفة الله مطبوعٌ في القلب البشري؛ ولماذا الله لا ينفكُّ يجتذب كل إنسان إليه؛ وكيف أنَّ كرامة الانسان ترتكز على كونه مدعوَّاً للشركة مع الله. فإذا كان الانسان ينعم بالوجود، ذلك يتبرَّر بأن الله خلقه بحب، وبالحب يواصل إبقاءه في الوجود. لا يستطيع الانسان أن يعيش وفقاً للحقيقة، ما لم يعترف بهذا الحب ويسلّم ذاته لخالقه(الفقرة 27
3. كشف الله ذاته للبشر بشخص يسوع المسيح، ابن الله الذي صار بشراً لخلاصنا، وهو "صورة مجده وضياء أزليته"(عب1: 3). وقد قال ذات يوم لفيلبيس: "مَن رآني رأى الآب"(يو14: 9). فيسوع هو إلهٌ حق وانسان حق. في شخصه وأقواله وأفعاله وآياته تجلّى وجهُ الله، ووجهُ الانسان المتّحدِ اتّحاداً كاملاً بالله. عندما دخل يسوع بيت زكّا، ويسوع هو "النور الذي يُضيء في الظلمة، ويُنير كل انسان آتٍ إلى العالم"(يو1: 4و9)،انكشفت لزكّا أخطاؤه، كما تكشف الأشعّةُ الاصابات الداخليّة في جسم المريض. وعلى الفور، أدرك زكّا أنَّ خطاياه، التي لم يكن يشعر بها، هي حقّاً مُخزية، فاعترف بها وتاب عنها وقرَّر التعويض للفقراء الذين أهملهم وأمسك قلبه ويده عن مساعدتهم، وللناس الذين ظلمهم عندما كان يجبي العشر للدولة، إذ كان يطالبهم بأكثر ممّا يتوجّب عليهم، ويسلب الفائض. ولهذا كان معروفاً في مجتمه أنه "رجل خاطئ"، كما قال الشعب متذمِّراً عندما دخل يسوع بيته. وهكذا بشجاعة التائب وإخلاصه قال زكّا ليسوع: "يا رب، ها إنّي أعطي نصف أموالي للفقراء؛ وإن كنتُ قد ظلمتُ أحداً بشيء، فإنّي أردّ له أربعة أضعاف"(لو19: 8). عندها قال يسوع: "اليوم دخل الخلاص هذا البيت... فإنَّ ابن الانسان - يسوع المسيح - جاء ليبحث عن الضائع ويخلّصه"(لو19: 9-10
4. دخل يسوع بيت زكّا الخاطئ، لكي يدخل إلى عمق قلبه وعقله وإرادته، وينيرَ ظلماتها وشوائبها. لا يستطيع أحد منّا أن يدرك ظلمات الشر التي تسيطر على قلبه وعقله وإرادته، من دون نور المسيح، نور شخصه وكلامه وأفعاله. فالمسيح هو فادي الانسان ومخلصُ العالم. وقد جاء، كما قال على لسان يوحنا الرسول في رؤياه، "ليصنع كل شيء جديداً"(رؤ21: 5). وقد صنع يسوعُ الإلهُ الانسانَ جديداً في شخصه، ليعلّم الانسان كيف يكون إنساناً. فأحبّ بقلب إنسان حتى الموت على الصليب فدىً عن الجميع، وفكرّ بعقل إنسان ولم يقل سوى الحقيقة بلسان الانسان، وصنع الخير للجميع وتجنّب الشر بإرادة إنسان، وبارك وأعطى بيد إنسان، وبعين وأذن إنسان رأى شقاء البشر، وسمع أنينهم، فتحنَّنَ وساعد وشفى(الكنيسة في عالم اليوم، 22
5. كل واحد منّا هو على موعد مع يسوع المسيح، الإله الذي صار إنساناً، لكي يُعيد لكل إنسان صورةَ الله فيه، إذ خلقه نفساً خالدة أي عقلاًتنيره الحقيقةُ المطلقة، وتشركه في أنوار الحكمة الإلهيّة؛ وإرادةً تقدّسها نعمةُ الأسرار المقدِّسة، فتلتزم الخير والجمال، وتتجنّب الشرّ والقباحة؛ وقلباًتسكن فيه محبةُ الله والناس؛ وضميراً يسمع من خلاله صوت الله في أعماقه ويسير على هديه
بالخطيئة تشوّهت نفسُ الانسان، وتشوّهت الحياةُ الزوجية والعائلية، وتشوّه الخلقُ والعلاقةُ بين الناس، ودخل العنفُ والبغضُ والقتلُ والاعتداءُ على الحياة البشرية، كما نقرأ في أولى صفحات سفر التكوين من الكتاب المقدس. فلا بدّ من التجدّد على كلّ صعيد، لكي تسلم الحياة ويجد الانسان سعادته في العائلة والمجتمع والدولة
6. من أجل هذا التجدّد الشامل كان المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي نحتفل في تشرين الأول بمرور خمسين سنة على انعقاده في 11 تشرين الاول 1962، وقد سمّاه الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني "ربيعَ الكنيسة"؛ وكانت جمعية سينودس الاساقفة الخاصّة بلبنان التي انعقدت في تشرين الأول 1995، بعنوان: المسيح رجاؤنا، بروحه نتجدّد ومعاً للمحبة نشهد"، وأصدر الطوباوي البابا يوحنّا بولس الثاني في أعقابها الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان"؛ وكان المجمع البطريركي الماروني(2003-2006) الذي دعا إلى التجدّد بالعودة إلى الجذور وتصويب الحاضر واستشراف المستقبل بنصوصه الثلاثة والعشرين؛ وكان السينودس الخاص بالشرق الاوسط الذي انعقد في تشرين الاول 2010 بعنوان: شركة وشهادة، ونحن ننتظر زيارة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في أيلول المقبل ليوقّع ويعلن الإرشاد الرسولي الذي سيرسم خطّة تجدّدية للمسيحية في بلدان الشرق الاوسط
7. إنَّ لبنان بحاجة إلى تجدّدٍ في شعبه وقادته وهيكلياته، لكي يواكب مقتضيات الحداثة والعولمة، ويسهمَ في استقرار المنطقة وفي البلوغ إلى "ربيعها العربي" الحقيقيّ المنشود. ولذلك يحتاج لبنان إلى أشخاص يتولَّون الشأن العام، الاقتصادي والاجتماعي والإنمائي والسياسي، بروح التجرّد من المصالح الذاتيّة والمكاسبِ المادّية، ويتفانَون، بمحبّة وشجاعة، في سبيل خدمة الخير العام والتقدّم الاقتصادي والاجتماعي، ويقاومون الظلمَ والاستبداد والحكم التعسّفي والفسادَ الإداري وهدرَ المال العام
إنَّ النداء الذي أطلقناه مع السادة المطارنة، الأربعاء الماضي، إنّما أردناه من أجل وعي الأزمة الاقتصادية-الاجتماعية وخطورتها، التي تنذر بالإنهيار الكبير، ومن أجل وضع خطّةِ نهوضٍ من قِبَلِ الحكومة والمسؤولين المعنيين، قبل فوات الاوان؛ واقترحنا، بعد التشاور مع مجموعة من الخبراء في الاقتصاد والمال والاجتماع، الحلولَ الكفيلة بتجنّب الانهيار. لكن تلبية النداء والانكباب على المعالجة يقتضيان وجودَ مسؤولين ذوي قلوبٍ مُحِبَّة للبنان وشعبه وكيانه، وذوي عقولٍ نيِّرة، وإراداتٍ حرّة مسؤولة، وذوي ضمائرٍ حيّة تصغي لصوت الله الداعي إلى تأمين الخير الشامل لكل إنسان
8. إنَّ الكنيسة المؤتمنة على كرامة الإنسان وحياته وحقوقه ومصيره، لا تنفكّ توقظ الضمائر بتعليمها الاجتماعي، الذي يشمل الشؤون الاقتصادية والانمائية والسياسية. فلا يمكنها أن تعتنق أيَّ نظام سياسي أو اقتصادي خاص، ولا يمكنها أن تتلوّنَ بهذا او ذاك من الألوان السياسية، بل تشجّع كلَّ أداءٍ ونظام يضمن للإنسان حقوقَه وخيره واستقراره وكرامته، ويفسح في المجال لجميع المواطنين، ليحقّقوا شخصيَّتَهم في مناخٍ من الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص. يبقى على المواطنين، في ضوء هذه المبادئ، أن يُميِّزوا أداء ممثليهم في الحكم والمسؤولين السياسيين والمحازبين، وأن ينتخبوا ممثليهم وفقاً لهذه المبادئ عن وعيٍ وحرّية ضمير. فلا يمكن أن يستمر مصير البلاد بين أيدٍ لا يعنيها هذا المصير، بل تعنيهم مصالحهم الخاصّة
9. صلاتنا إلى المسيح الإله أن يُحيي في قلوب الجميع التوقَ إلى رؤيته واللقاءِ الوجداني به، مثل زكّا العشّار، لكي يقفَ كلُّ واحد منّا أمام ذاته، ويدركَ، على ضوء أنوار المسيح، ما فيه من انحراف وأخطاء، ويسلكَ طريقاً جديداً، ويتجدّدُ في الداخل، ويغيّرُ المسلك والتصرّف في أداء واجبه ومسؤوليته. فيرتفع من قلوب الجميع نشيد المجد لله الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، إلى الأبد، آمين
2. نقرأ في كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية أنَّ "الله لن ينقطع عن اجتذاب الانسان إليه، لأنه في الله يجد الحقيقة والسعادة اللتين لن يتوقّف أبداً عن البحث عنهما"(فقرة 27). هذا ما يشرح، كما يؤكِّد التعليمُ المسيحي نفسُه، لماذا الشوق إلى معرفة الله مطبوعٌ في القلب البشري؛ ولماذا الله لا ينفكُّ يجتذب كل إنسان إليه؛ وكيف أنَّ كرامة الانسان ترتكز على كونه مدعوَّاً للشركة مع الله. فإذا كان الانسان ينعم بالوجود، ذلك يتبرَّر بأن الله خلقه بحب، وبالحب يواصل إبقاءه في الوجود. لا يستطيع الانسان أن يعيش وفقاً للحقيقة، ما لم يعترف بهذا الحب ويسلّم ذاته لخالقه(الفقرة 27
3. كشف الله ذاته للبشر بشخص يسوع المسيح، ابن الله الذي صار بشراً لخلاصنا، وهو "صورة مجده وضياء أزليته"(عب1: 3). وقد قال ذات يوم لفيلبيس: "مَن رآني رأى الآب"(يو14: 9). فيسوع هو إلهٌ حق وانسان حق. في شخصه وأقواله وأفعاله وآياته تجلّى وجهُ الله، ووجهُ الانسان المتّحدِ اتّحاداً كاملاً بالله. عندما دخل يسوع بيت زكّا، ويسوع هو "النور الذي يُضيء في الظلمة، ويُنير كل انسان آتٍ إلى العالم"(يو1: 4و9)،انكشفت لزكّا أخطاؤه، كما تكشف الأشعّةُ الاصابات الداخليّة في جسم المريض. وعلى الفور، أدرك زكّا أنَّ خطاياه، التي لم يكن يشعر بها، هي حقّاً مُخزية، فاعترف بها وتاب عنها وقرَّر التعويض للفقراء الذين أهملهم وأمسك قلبه ويده عن مساعدتهم، وللناس الذين ظلمهم عندما كان يجبي العشر للدولة، إذ كان يطالبهم بأكثر ممّا يتوجّب عليهم، ويسلب الفائض. ولهذا كان معروفاً في مجتمه أنه "رجل خاطئ"، كما قال الشعب متذمِّراً عندما دخل يسوع بيته. وهكذا بشجاعة التائب وإخلاصه قال زكّا ليسوع: "يا رب، ها إنّي أعطي نصف أموالي للفقراء؛ وإن كنتُ قد ظلمتُ أحداً بشيء، فإنّي أردّ له أربعة أضعاف"(لو19: 8). عندها قال يسوع: "اليوم دخل الخلاص هذا البيت... فإنَّ ابن الانسان - يسوع المسيح - جاء ليبحث عن الضائع ويخلّصه"(لو19: 9-10
4. دخل يسوع بيت زكّا الخاطئ، لكي يدخل إلى عمق قلبه وعقله وإرادته، وينيرَ ظلماتها وشوائبها. لا يستطيع أحد منّا أن يدرك ظلمات الشر التي تسيطر على قلبه وعقله وإرادته، من دون نور المسيح، نور شخصه وكلامه وأفعاله. فالمسيح هو فادي الانسان ومخلصُ العالم. وقد جاء، كما قال على لسان يوحنا الرسول في رؤياه، "ليصنع كل شيء جديداً"(رؤ21: 5). وقد صنع يسوعُ الإلهُ الانسانَ جديداً في شخصه، ليعلّم الانسان كيف يكون إنساناً. فأحبّ بقلب إنسان حتى الموت على الصليب فدىً عن الجميع، وفكرّ بعقل إنسان ولم يقل سوى الحقيقة بلسان الانسان، وصنع الخير للجميع وتجنّب الشر بإرادة إنسان، وبارك وأعطى بيد إنسان، وبعين وأذن إنسان رأى شقاء البشر، وسمع أنينهم، فتحنَّنَ وساعد وشفى(الكنيسة في عالم اليوم، 22
5. كل واحد منّا هو على موعد مع يسوع المسيح، الإله الذي صار إنساناً، لكي يُعيد لكل إنسان صورةَ الله فيه، إذ خلقه نفساً خالدة أي عقلاًتنيره الحقيقةُ المطلقة، وتشركه في أنوار الحكمة الإلهيّة؛ وإرادةً تقدّسها نعمةُ الأسرار المقدِّسة، فتلتزم الخير والجمال، وتتجنّب الشرّ والقباحة؛ وقلباًتسكن فيه محبةُ الله والناس؛ وضميراً يسمع من خلاله صوت الله في أعماقه ويسير على هديه
بالخطيئة تشوّهت نفسُ الانسان، وتشوّهت الحياةُ الزوجية والعائلية، وتشوّه الخلقُ والعلاقةُ بين الناس، ودخل العنفُ والبغضُ والقتلُ والاعتداءُ على الحياة البشرية، كما نقرأ في أولى صفحات سفر التكوين من الكتاب المقدس. فلا بدّ من التجدّد على كلّ صعيد، لكي تسلم الحياة ويجد الانسان سعادته في العائلة والمجتمع والدولة
6. من أجل هذا التجدّد الشامل كان المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي نحتفل في تشرين الأول بمرور خمسين سنة على انعقاده في 11 تشرين الاول 1962، وقد سمّاه الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني "ربيعَ الكنيسة"؛ وكانت جمعية سينودس الاساقفة الخاصّة بلبنان التي انعقدت في تشرين الأول 1995، بعنوان: المسيح رجاؤنا، بروحه نتجدّد ومعاً للمحبة نشهد"، وأصدر الطوباوي البابا يوحنّا بولس الثاني في أعقابها الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان"؛ وكان المجمع البطريركي الماروني(2003-2006) الذي دعا إلى التجدّد بالعودة إلى الجذور وتصويب الحاضر واستشراف المستقبل بنصوصه الثلاثة والعشرين؛ وكان السينودس الخاص بالشرق الاوسط الذي انعقد في تشرين الاول 2010 بعنوان: شركة وشهادة، ونحن ننتظر زيارة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في أيلول المقبل ليوقّع ويعلن الإرشاد الرسولي الذي سيرسم خطّة تجدّدية للمسيحية في بلدان الشرق الاوسط
7. إنَّ لبنان بحاجة إلى تجدّدٍ في شعبه وقادته وهيكلياته، لكي يواكب مقتضيات الحداثة والعولمة، ويسهمَ في استقرار المنطقة وفي البلوغ إلى "ربيعها العربي" الحقيقيّ المنشود. ولذلك يحتاج لبنان إلى أشخاص يتولَّون الشأن العام، الاقتصادي والاجتماعي والإنمائي والسياسي، بروح التجرّد من المصالح الذاتيّة والمكاسبِ المادّية، ويتفانَون، بمحبّة وشجاعة، في سبيل خدمة الخير العام والتقدّم الاقتصادي والاجتماعي، ويقاومون الظلمَ والاستبداد والحكم التعسّفي والفسادَ الإداري وهدرَ المال العام
إنَّ النداء الذي أطلقناه مع السادة المطارنة، الأربعاء الماضي، إنّما أردناه من أجل وعي الأزمة الاقتصادية-الاجتماعية وخطورتها، التي تنذر بالإنهيار الكبير، ومن أجل وضع خطّةِ نهوضٍ من قِبَلِ الحكومة والمسؤولين المعنيين، قبل فوات الاوان؛ واقترحنا، بعد التشاور مع مجموعة من الخبراء في الاقتصاد والمال والاجتماع، الحلولَ الكفيلة بتجنّب الانهيار. لكن تلبية النداء والانكباب على المعالجة يقتضيان وجودَ مسؤولين ذوي قلوبٍ مُحِبَّة للبنان وشعبه وكيانه، وذوي عقولٍ نيِّرة، وإراداتٍ حرّة مسؤولة، وذوي ضمائرٍ حيّة تصغي لصوت الله الداعي إلى تأمين الخير الشامل لكل إنسان
8. إنَّ الكنيسة المؤتمنة على كرامة الإنسان وحياته وحقوقه ومصيره، لا تنفكّ توقظ الضمائر بتعليمها الاجتماعي، الذي يشمل الشؤون الاقتصادية والانمائية والسياسية. فلا يمكنها أن تعتنق أيَّ نظام سياسي أو اقتصادي خاص، ولا يمكنها أن تتلوّنَ بهذا او ذاك من الألوان السياسية، بل تشجّع كلَّ أداءٍ ونظام يضمن للإنسان حقوقَه وخيره واستقراره وكرامته، ويفسح في المجال لجميع المواطنين، ليحقّقوا شخصيَّتَهم في مناخٍ من الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص. يبقى على المواطنين، في ضوء هذه المبادئ، أن يُميِّزوا أداء ممثليهم في الحكم والمسؤولين السياسيين والمحازبين، وأن ينتخبوا ممثليهم وفقاً لهذه المبادئ عن وعيٍ وحرّية ضمير. فلا يمكن أن يستمر مصير البلاد بين أيدٍ لا يعنيها هذا المصير، بل تعنيهم مصالحهم الخاصّة
9. صلاتنا إلى المسيح الإله أن يُحيي في قلوب الجميع التوقَ إلى رؤيته واللقاءِ الوجداني به، مثل زكّا العشّار، لكي يقفَ كلُّ واحد منّا أمام ذاته، ويدركَ، على ضوء أنوار المسيح، ما فيه من انحراف وأخطاء، ويسلكَ طريقاً جديداً، ويتجدّدُ في الداخل، ويغيّرُ المسلك والتصرّف في أداء واجبه ومسؤوليته. فيرتفع من قلوب الجميع نشيد المجد لله الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، إلى الأبد، آمين