الديموقراطيّة
الديموقراطية كلمة يونانية مركبة من كلمتين وتعني حكم الشعب. عند افلاطون هي لا تعني كل الشعب اذ كيف وأين يجتمع. اثينا في عهده كانت قرية صغيرة. مع ذلك النساء والعبيد لا ينتخبون. من ينتخب اذا كثر الشعب وظهر اختلاف في السياسة. لما انقسم الفرنسيون بعد ثورتهم جلس المتجانسون معا على اليمين والمتجانسون الآخرون معًا إلى اليسار وانطلق، مذ ذاك، ان اهل السياسة يمينيون أو يساريون. الديموقراطية، تحديدا، شعب منقسم. وظهرت الأحزاب لتعبر عن هذا الانقسام. منقسم الشعب على كل شيء الا على كونه ينتمي الى وطن واحد وله اذًا هوية واحدة. في الحرب هو صف واحد ومن خرج عن هذا الصف يعدم قضائيا
وبعد ان ميز مونتسكيو السلطات إلى تشريعية واجرائية وقضائية نشأت فكرة ان السلطة الإجرائية أو التنفيذية لها سياسة واحدة لا يخرج عنها وزير أي انها بالضرورة حكومة السياسة الواحدة. وقد اصطلح العلماء على ان يظهر الخلاف في مجلس الأمة وهو بالضرورة ينبثق عن الشعب المختلف النزعات، المتخاصم ضرورة ويتفق ان يكون بعضه مواليا للحكم وبعضه الآخر مخالفا له
اما الا يسلك الحكم على أساس هذه القاعدة فيأتي مجلس الأمة من لون واحد والحكومة من هذا اللون فمعنى ذلك انه ليس هناك حكومة تنتقدها وتسائلها عن مشاريعها وعن ميزانيتها وما الى ذلك. ان لم يكن خلاف بين المجلس والحكومة فهذا هو حكم الحزب الاول المقسم، ضرورة، بطبائع الاستبداد. لاهوتيا الحكم لله أي للحقيقة ولكن كيف تلتقي الاوضاع البشرية أي السياسية مع الحقيقة؟ من يقول لنا ان الله يريد هذا الوضع في المياه أو الكهرباء أو المحاكم أو رئاسة الجمهورية والمناصب الأخرى. حلها الاوربيون قبل الثورة الفرنسية بقولهم ان حكم الملك هو حكم الله. هذا يعني ان الملك طاهر وعالم وان حكمه مطابق للفكر الإلهي. ولكن الملك بشر ويخطئ. لذلك استغنت فرنسا عن الملك وضيقت عليه انكلترة حكمه بالدستور أي صار هو خاضعًا للشعب
اذًا لماذا لا نقول مباشرة الحكم للشعب؟ في الواقع نقلنا حكم الشعب إلى الأحزاب. باتت الأحزاب الملك الجديد. الديموقراطية لم تبق حكم الشعب الذي لا يستطيع ان يجتمع كله. صارت فئات تتصارع. الأحزاب ليست الأحزاب. انها المكاتب التنفيذية أو لجان التفيذ في الأحزاب. حولنا هذه اذا الى فئات منها ولكنها اصغر منها
وضمن المكتب التنفيذي الأمين العام أو شخص آخر هو أقوى من المكتب مجتمعا. سلطة المكتب اذًا مسلوبة لنعود إلى حكم الفرد أي إلى نوع من الملك الذي لا يقول ان سلطانه من الهه ولكن من الشعب. في مسيرة مركبة قانونية لا يحكم الشعوب الا ملوك تتغير اسماؤهم أي ان هناك دائما طغمة متجانسة صغيرة في أحسن حال أو رئيس جمهورية حسب النظام الرئاسي أي الملكي
مع ذلك تحب الشعوب اللعبة الديموقراطية من حيث انها تمظهر لا من حيث انها حقيقة. السياسة الى حد كبير مسرح تتفاوت فيه الأدوار يظن ان ما يقوله لاعبوها هو الحقيقة. ولكون الديموقراطية أجمل لعبة سياسية وكلامها فيه ما يشبه الحقيقة صارت أفضل الأنظمة السيئة كما يقول تشرتشل
السؤال الحقيقي أمام هذا هو كيف ننقح الديموقراطية؟ طريقة من الطرق ان نحافظ على كلماتها وتحركها الصوري ونلغي حقيقتها في هذه البدعة المسماة الديموقراطية التوافقية جاهلين انه حيث لا خصومة ليس من ديموقراطية. فالشعب تحديدا قائم على أخطاء ويؤمن بأخطاء. لذلك يحجّم نفسه فعليا بنظام الأحزاب والحزب يحجم نفسه برئيسه أو أمينة العام. إلى هذا كيف تتحرك الديموقراطية التوافقية؟ اذا كانت الحكومة من لون مجلس النواب أي كلاهما مجانس للآخر كيف يسائلها؟ لا يسير هذا النظام التقابلي بين المجلس والحكومة الا بالخلاف بينهما والا كانا هيئة واحدة واختلط التشريعي بالتنفيذي
الديموقراطية تمثيل بآليات مختلفة ولكن لا تؤمّن بحد نفسها الحرية الا بمقدار كون الحرية صورة عن الخصومة. أهم من الديموقراطية اذًا الحرية. نحاول ان نجتنب ما أمكن من استبداد الأحزاب وبخاصة نحاول تأمين استقلال القضاء الذي هو الصورة المثلى عن حرية المواطنين. العنصر الأهم في حياة مجلس الأمة القبول بالآخر. هذا هو مقدار الحرية في النظام. ان تقبل الآخر واختلافه عنك ليس موقفا سياسيا وحسب. انه موقف روحي قائم على الاحترام الكامل للإنسان واعتباره حاملاً سر وجوده وسر الإفصاح عنه وهو الاعتقاد ان معايشته ممكنة دون ان تخضعه لك. هو الاعتقاد ان مجرد وجود الآخر أهم من فكره السياسي وان هذا الفكر من المعطيات النسبية
لا تستطيع أنت ان تثبت ان الموقف السياسي من الحقائق المنزلة. انه يحتمل الخطأ والصواب أو بعض صواب. والمسعى ان تتفقا على أشياء تتعلق بترتيب البلد وكان يمكن ان يكون ترتيب آخر. في آخر المطاف تقوم الديموقراطية على احتمال ان واقع الخطأ ممكن
ان تثق بالآخر شرط لاعترافك بحريته. ان تثق به هو ان تؤمن بأن الله ساكن فيه أو ملازمه ولكنه لا يلهمه، ضرورة، افضل مدقق في السياسة أو الاقتصاد. الديموقراطية افضل نظام سيء لأنها في الحقيقة مرتكزة على ان ألوهية ما تلامس الإنسان أو ان حقيقة ما تسكنه وانه -بسبب ذلك- يعمّر معك البلد. جمال الديموقراطية انك بها تلازم الذي لا يقول قولك وتسمح للخطأ ان يعبر عن نفسه إكرامًا للإنسان الذي يخالفك
ربما آمن الملوك شخصيا بكرامة رعاياهم ولم يضطهدوهم كلهم. ولكن هذا لم يكن له أي تعبير في بناء البلد. لسان حالهم ان الحقيقة يمكن ان تبقى في الرعية، في كل فرد ولكن ليس من قرار. في الديموقراطية حياة الجماعة في قرارات الجماعة وهذا له معنى روحي في حين ان نظام الحاكم الفردي لا احترام فيه الا تصديق الحاكم نفسه أو الحاشية التي يعتمدها
أجل لو كان القديسون الأذكياء حكاما للبلد لا يكون أي نظام مهما. ولكن القديسين لا يهتمون للحكم. لذا كان علينا في الحياة السياسية ان نحتمل بعضنا بعضا بالصبر ونتعايش بالمحبة. والمحبة ممكنة في الصراع السياسي ونزود الآخر بالحرية
وبعد ان ميز مونتسكيو السلطات إلى تشريعية واجرائية وقضائية نشأت فكرة ان السلطة الإجرائية أو التنفيذية لها سياسة واحدة لا يخرج عنها وزير أي انها بالضرورة حكومة السياسة الواحدة. وقد اصطلح العلماء على ان يظهر الخلاف في مجلس الأمة وهو بالضرورة ينبثق عن الشعب المختلف النزعات، المتخاصم ضرورة ويتفق ان يكون بعضه مواليا للحكم وبعضه الآخر مخالفا له
اما الا يسلك الحكم على أساس هذه القاعدة فيأتي مجلس الأمة من لون واحد والحكومة من هذا اللون فمعنى ذلك انه ليس هناك حكومة تنتقدها وتسائلها عن مشاريعها وعن ميزانيتها وما الى ذلك. ان لم يكن خلاف بين المجلس والحكومة فهذا هو حكم الحزب الاول المقسم، ضرورة، بطبائع الاستبداد. لاهوتيا الحكم لله أي للحقيقة ولكن كيف تلتقي الاوضاع البشرية أي السياسية مع الحقيقة؟ من يقول لنا ان الله يريد هذا الوضع في المياه أو الكهرباء أو المحاكم أو رئاسة الجمهورية والمناصب الأخرى. حلها الاوربيون قبل الثورة الفرنسية بقولهم ان حكم الملك هو حكم الله. هذا يعني ان الملك طاهر وعالم وان حكمه مطابق للفكر الإلهي. ولكن الملك بشر ويخطئ. لذلك استغنت فرنسا عن الملك وضيقت عليه انكلترة حكمه بالدستور أي صار هو خاضعًا للشعب
اذًا لماذا لا نقول مباشرة الحكم للشعب؟ في الواقع نقلنا حكم الشعب إلى الأحزاب. باتت الأحزاب الملك الجديد. الديموقراطية لم تبق حكم الشعب الذي لا يستطيع ان يجتمع كله. صارت فئات تتصارع. الأحزاب ليست الأحزاب. انها المكاتب التنفيذية أو لجان التفيذ في الأحزاب. حولنا هذه اذا الى فئات منها ولكنها اصغر منها
وضمن المكتب التنفيذي الأمين العام أو شخص آخر هو أقوى من المكتب مجتمعا. سلطة المكتب اذًا مسلوبة لنعود إلى حكم الفرد أي إلى نوع من الملك الذي لا يقول ان سلطانه من الهه ولكن من الشعب. في مسيرة مركبة قانونية لا يحكم الشعوب الا ملوك تتغير اسماؤهم أي ان هناك دائما طغمة متجانسة صغيرة في أحسن حال أو رئيس جمهورية حسب النظام الرئاسي أي الملكي
مع ذلك تحب الشعوب اللعبة الديموقراطية من حيث انها تمظهر لا من حيث انها حقيقة. السياسة الى حد كبير مسرح تتفاوت فيه الأدوار يظن ان ما يقوله لاعبوها هو الحقيقة. ولكون الديموقراطية أجمل لعبة سياسية وكلامها فيه ما يشبه الحقيقة صارت أفضل الأنظمة السيئة كما يقول تشرتشل
السؤال الحقيقي أمام هذا هو كيف ننقح الديموقراطية؟ طريقة من الطرق ان نحافظ على كلماتها وتحركها الصوري ونلغي حقيقتها في هذه البدعة المسماة الديموقراطية التوافقية جاهلين انه حيث لا خصومة ليس من ديموقراطية. فالشعب تحديدا قائم على أخطاء ويؤمن بأخطاء. لذلك يحجّم نفسه فعليا بنظام الأحزاب والحزب يحجم نفسه برئيسه أو أمينة العام. إلى هذا كيف تتحرك الديموقراطية التوافقية؟ اذا كانت الحكومة من لون مجلس النواب أي كلاهما مجانس للآخر كيف يسائلها؟ لا يسير هذا النظام التقابلي بين المجلس والحكومة الا بالخلاف بينهما والا كانا هيئة واحدة واختلط التشريعي بالتنفيذي
الديموقراطية تمثيل بآليات مختلفة ولكن لا تؤمّن بحد نفسها الحرية الا بمقدار كون الحرية صورة عن الخصومة. أهم من الديموقراطية اذًا الحرية. نحاول ان نجتنب ما أمكن من استبداد الأحزاب وبخاصة نحاول تأمين استقلال القضاء الذي هو الصورة المثلى عن حرية المواطنين. العنصر الأهم في حياة مجلس الأمة القبول بالآخر. هذا هو مقدار الحرية في النظام. ان تقبل الآخر واختلافه عنك ليس موقفا سياسيا وحسب. انه موقف روحي قائم على الاحترام الكامل للإنسان واعتباره حاملاً سر وجوده وسر الإفصاح عنه وهو الاعتقاد ان معايشته ممكنة دون ان تخضعه لك. هو الاعتقاد ان مجرد وجود الآخر أهم من فكره السياسي وان هذا الفكر من المعطيات النسبية
لا تستطيع أنت ان تثبت ان الموقف السياسي من الحقائق المنزلة. انه يحتمل الخطأ والصواب أو بعض صواب. والمسعى ان تتفقا على أشياء تتعلق بترتيب البلد وكان يمكن ان يكون ترتيب آخر. في آخر المطاف تقوم الديموقراطية على احتمال ان واقع الخطأ ممكن
ان تثق بالآخر شرط لاعترافك بحريته. ان تثق به هو ان تؤمن بأن الله ساكن فيه أو ملازمه ولكنه لا يلهمه، ضرورة، افضل مدقق في السياسة أو الاقتصاد. الديموقراطية افضل نظام سيء لأنها في الحقيقة مرتكزة على ان ألوهية ما تلامس الإنسان أو ان حقيقة ما تسكنه وانه -بسبب ذلك- يعمّر معك البلد. جمال الديموقراطية انك بها تلازم الذي لا يقول قولك وتسمح للخطأ ان يعبر عن نفسه إكرامًا للإنسان الذي يخالفك
ربما آمن الملوك شخصيا بكرامة رعاياهم ولم يضطهدوهم كلهم. ولكن هذا لم يكن له أي تعبير في بناء البلد. لسان حالهم ان الحقيقة يمكن ان تبقى في الرعية، في كل فرد ولكن ليس من قرار. في الديموقراطية حياة الجماعة في قرارات الجماعة وهذا له معنى روحي في حين ان نظام الحاكم الفردي لا احترام فيه الا تصديق الحاكم نفسه أو الحاشية التي يعتمدها
أجل لو كان القديسون الأذكياء حكاما للبلد لا يكون أي نظام مهما. ولكن القديسين لا يهتمون للحكم. لذا كان علينا في الحياة السياسية ان نحتمل بعضنا بعضا بالصبر ونتعايش بالمحبة. والمحبة ممكنة في الصراع السياسي ونزود الآخر بالحرية