زيت الميرون المقدَّس
مقدِّمة
غاية الدِّراسة هذه لزيت الميرون المقدَّس، هي الخوض في معرفة تاريخ المسحة إستناداً للكتاب المقدَّس بعهديه القديم والجديد، بالإضافة إلى أهميته في حياة الكنيسة، وسأتطرَّق إلى ذكر أسماء هذا الزَّيت لدى الكنيستين الغربيَّة والشَّرقيَّة، ثم ندخل أيضًا في مفاعيل الميرون وارتباطه بسرّ المعموديَّة، بالإضافة إلى استعمالاته، ثم الدُّخول في مكوِّنات هذا الزَّيت الخاص وأنواع العطور المستخدمة معه، وأنتهي بطريقة طبخ الميرون المقدَّس
تاريخ المسحة بالميرون
المسحة بالزَّيت بالعهد القديم
: من خلال النُّصوص التَّاريخيَّة ومن التَّقليد، إذ كان الملوك يُمسحون بالزَّيت رمزًا لاختيار الله لهم كرؤساء ومسحاء للرب، وهي من الدِّين الكنعانيّ والسَّاميّ وقد استعملها الشَّعب العِبرانيّ لتَكريس أماكن الرَّب (تك 28 /18، 35/14) ولرؤساء الكهنة رمزًا لتَكريسهم للرَّب ولشعبه (خروج 29/7) وللكهنة لأنهم مكرَّسون للرب (خروج 28/41، أمَّا علاقته بحلول الروح (1صمو 16/13)، وهي معمولة من الزَّيت (ميخا 6/15) و(خروج 35/7) بالإضافة إلى طلب الله من تحضير الزَّيت (خروج 30/22-33 و 34-38
المسحة بالزَّيت بالعهد الجديد
نجد فكرة المسحة ذاتها مع فهم أوسع لدور الكنيسة وإدراك روحي أهم منه في العهد القديم، إذ أدرجتها الكنيسة بطقوسها وليترجيّتها، ولكنَّها ميَّزت بين الزَّيت المبارك لمسح المؤمنين به ونيل موهبة الرُّوح القدس، وبين زيت الميرون المُعطِي الرُّوح القدس للمعتمد الجديد بسرّ التَّثبيت
أهميَّة زيت الميرون المقدَّس في حياة الكنيسة
عرفت الكنيسة أهميَّة زيت الزَّيتون واستخدمته في طقوسها الدِّينيَّة لكنَّها في القرنين الثالث والرابع عرفت نوعًا خاصًا من المسحة، بخليط مكوَّن من زيت الزيتون والخمر والبلاسم والطُّيوب[1] مكرَّسة لاستعمالات ليترجيَّة وتدعوه "زيت الميرون"، وكلمة الميرون هي كلمة يونانيَّة ومعناها "العطر أو الطيب"، ويتكوَّن من زيت زيتون صافٍ وخمر تكرّسه الكنيسة بصلاة خاصَّة مع إضافة أنواع من الطيوب والبلاسم يطبخه البطريرك عند الحاجة؛ وعادة عند خميس الأسرار يوزَّع هذا الزَّيت على جميع الأساقفة وهم بدورهم يوزِّعونه على رعاياهم.
أسماء زيت الميرون
له عدَّة أسماء، تساعدنا على فهم أشمل لدور هذا الزيت ومفاعيله فبالكنيسة الغربيَّة دعته: زيت مسحة، وتسليم، وإشارة مميزة، وختم. أمَّا بالكنيسة الشرقيَّة: الميرون المقدَّس، والزيت المقدَّس، والسِّر، والتثبيت، والختم. وترمز إلى مادة زيت الميرون ودوره ومفاعيله، إذ هو زيت زيتون، مقدَّس، زيت معطَّر، يتسلَّم الممسوح به رسالة من الكنيسة، وهو إشارة لسر من أسرار الكنيسة تختمه بها مدى العمر، فهو لا يتكرر ولا يُمَّحى
مفاعيل الميرون
له مفاعيل على النَّفس والجسد، إذ لو أخذنا المادتين الأساسيتين اللتين يتكوَّن منهما الميرون، أي زيت الزيتون الصَّافي والخمر وبقينا على مفاعيلها لوجدنا أن الزَّيت يُليِّن الأعضاء والجلد، إذ كانت تُدهن به أعضاء المصارعين وتُدهن به الجروح؛ أمَّا بالنِّسبة للخمر فهو يفرِّح قلب الإنسان، والبلاسم والعطور المضافة إلى الزيت والخمر ترمز إلى نفحة المسيح العطرة
منذ القديم اعتُبر سر الميرون (التَّثبيت) كمُلحق لسر المعموديَّة، لكنَّه من الأساس متميِّز عنه لكنه تطوَّر مع الحفاظ على أساسه من التقليد الرسولي والتأسيس الإلهي؛ وفي حياة يسوع عندما اعتمد وخرج من الماء هبط روح الله عليه على شكل حمامة وإذا صوت الله يقول: "هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت"؛ يُدعى إذاً يسوع المسيح، أي الذي مسحه الله الآب بالروح القدس (متى 3: 13-17)؛ وكذلك دور الرُّوح القدس حسب قول يسوع بأنه روح الحق، إذ عندما أفيض عليهم يوم العنصرة أصبحوا رسلاً بواسلاً يعلنون حقيقة المسيح وقيامته الخلاصيَّة دون خوف بل بجرأة وشجاعة (أعمال 4: 11)، فعلى هذا الأساس فهمت الكنيسة دور الرُّوح ومعنى التثبيت، وأغلب الوثائق القديمة تعلِّمنا عن علاقة المعموديَّة بالتثبيت لكنها تميز بينهما فنجد في (أعمال19: 1-6) و(أعمال 8: 14- 25) كيف تابعت الكنيسة مثل الرسل إعطاء التثبيت بعد المعموديَّة بوضع اليد، ويَرَى التَّقليد المسيحي حقًا بوضع الأيدي جذور المسحة بزيت الميرون لمنح الرُّوح القدس، فيكرَّس المعتمد جنديًا لنشر الإيمان؛ ومن هنا نفهم لقب مسيحي أي الممسوح، ذلك نسبة إلى يسوع بالذَّات الذي يدعى المسيح
سر الميرون وارتباطه بسر المعموديَّة
سر الميرون مرتبط بالروح القدس، لكن مواهب الروح أُعطيت بالمعموديَّة؛ فما قيمة حلول الرُّوح؟ إن الميرون هو تحقيق المعموديَّة التي تهيِّء الموعوظ لجعل التثبيت ممكنًا، وفي الواقع يضفي الميرون على ليترجيا الإنتماء إلى الكنيسة بُعداً جديدًا؛ فهو موهبة وسر متميزان عن المعموديَّة إذ هناك فرق بين مواهب الروح القدس (dora) وختم موهبة الروح القدس (carismata)؛ فبالمعموديَّة
ينال المعتمد مواهب الروح القدس، بينما في سر الميرون، ينال الروح نفسه على أنَّه موهبة؛ وليس فقط مواهبه، إذ هذا الروح هو المرسل المسيحي للكرازة، فبالمعموديَّة نعود إلى الطّبيعة الحقيقيَّة ونتحرَّر من الخطيئة ونتصالح مع الله فنعود على صورته ومثاله، فتهيِّء لسر الميرون وتجعل حصوله ممكنًا، فهذه الموهبة تقود الإنسان الجديد إلى أبعد من الخلاص، بل تفتح باب التألُّه وتجعل الإنسان مسيحيًّا بالمسيح، وتكون خاصَّة الآب وهياكل للروح، إذ يُمسح جسم المعتمد بزيت الميرون من الرأس إلى القدمين ليأخذ الروح القدس، فهو رمز الوحدة والسائل الأبدي الذي يهبنا عدم الموت؛ وهو السلسلة القويَّة التي تجمعنا بعضنا ببعض، وهو قوتنا الرُّوحية وهو يهب الروح القدس والمواهب السبع
إستعمالات زيت الميرون
هو زيت خاص بالتثبيت بعد سر المعموديَّة، ويستعمل لمناسبات طقسيَّة؛ كتبريك كنيسة جديدة أو هيكل جديد، أو الأندميسي[2]، والأواني الجديدة، وتبريك الأيقونات ويفاض على جثة الميت
مكوِّنات الميرون
كان الميرون المقدَّس يُصنع فقط من زيت الزيتون الصَّافي والبلسم كما في الكنائس الغربيَّة الآن ثم أصبح صنعه يتعقَّد في الكنيسة الشَّرقيَّة؛ فنجد أيضًا العديد من الاختلافات في مكوِّناته بحسب الطوائف المكرِّسة له، وكذلك في مخطوطات الطَّائفة ذاتها، لكن هذا لا يمنع من أن تكون المواد الأساسيَّة موجودة في أغلبها؛ والآن سأتطرَّق فقط إلى ذكر مكوِّنات زيت الميرون في الأفخلوجيون البيزنطي[3]: زيت زيتون 13كيلو، خمر صرف بقدر ما يلزم ليُغلى مع الزِّيت يُحرق ليلاً، ثم فارقيون، عود البلسان، أدخر، فلفل، مرّ، ميعه، ميعه قشر، سادج هندي، حبّ البلسان، سعد كوفيّ، حب الدِّبق، سنبل رومي، خيار جنبر، قرنفل، بزر حصلبان، دار فلفل، طاليفر، بطم، دارصيني، فستق البان، باتيتون، مردكوش، لادنه، كنك، أسارون، قاره، زنجبيل، جدوار، قصب الذرذيدة، زراوند، سوسان إسمانجوني (الإيرساء)، مقل أزرق (بوخوس)، عود، بلسم مكاوي بقدر الإمكان ويضاف إليه مسك
يجدر بالذِّكر أن مادَّة زيت الميرون كانت تبقى سبعة أيام على جسم الطفل المعمَّد ويُمنع أن يحمَّم بالماء خلال هذه الأيام، كي تنفذ هذه المادَّة المقدَّسة بعمق في جسمه، فيكتسب منها هذا الأخير مفاعيل الزَّيت (القوَّة والجمال والبرء...) وبعد سبعة أيَّام يحضر الأهل المُعمَّد إلى الكنيسة حيث يمسح له الكاهن الميرون عن جسمه، ثم أصبحت في ما بعد، خمسة أيَّام، ثم ثلاثة، ثم يومًا واحدًا؛ أمَّا الآن، فحالاً بعد المسحة بالميرون، يمسح الكاهن آثار الميرون المقدَّس بقطنة أو بطرف منديل، ويُلبس المعتمد ثيابه كاملة
طريقة طبخ زيت الميرون المقدَّس
سأتطرَّق إلى طريقة طبخ الميرون بالطَّقس البيزنطي الملكي فقط إلتزامًا منِّي بعدد الصَّفحات المطلوبة وتحديداً في إفخولوجيون أورشليم[4]، إذ تجري ابتداءً من عشيَّة أحد الشَّعانين وحتَّى يوم الخميس العظيم المقدَّس مع ليترجيَّا القديس باسيليوس الكبير، وعلى أربع مراحل
المرحلة الأولى: تحضير مواد الطَّبخة الأولى ونقعها في الماء بعد طحنها
المرحلة الثَّانية: رتبة تقديس الماء الصَّغير والطَّبخة الأولى ومدَّتها أربع ساعات
المرحلة الثالثة: الطبخة الثَّانية لمدَّة أربع ساعات بعد إضافة كميَّة من العسل الصَّافي
المرحلة الرَّابعة: الطَّبخة الثَّالثة وإضافة البلسم والمسك
وفي المرحلة الأخيرة يكون الميرون قد برد فيصفَّى ويوضع في القوارير للاستعمال
تبريك الميرون بحسب الطَّقس البيزنطي وتحديداً بحسب أفخولوجيون أورشليم (1865
"إنَّه في يوم الخميس العظيم المقدَّس، حينما يُرتّل عوضًا عن الشيروبيكون[5] (اقبلني اليوم شريكًا في عشائك السرِّي يا ابن الله)، فيُوتي بالأسرار المقدّسة من مكان التَّقدمة إلى المائدة، فيكون أوَّل الكهنة حينئذٍ حاملاً قارورة الميرون وهي مغطَّاة بغطاء الصَّينية قدَّام الأسرار المقدَّسة؛ وأمّا الشَّمامسة فليحملوا سبعة أزواج مراوح ويتقدَّمهم الدوميستيكوس[6] والشَّمامسة الأُخر بالمصابيح. فإذا بلغوا قدَّام الأبواب المقدَّسة، فيدخلون بمروحتين فقط إلى الهيكل كالعادة. أمَّا باقي المراوح الأُخر فتلبث بجانبيّ الأبواب إلى حدّ المائدة المقدَّسة. وأمَّا المتقدِّم في الكهنة فيكون ضابطًا وعاء الميرون منتظرًا البطريرك بإزاء الأبواب الجليلة؛ فإذا عاد البطريرك، فيقبل منه القارورة ويضعها في ناحية الشَّمال على المائدة المقدَّسة جانب الكأس. ثم أن الشمَّاس ينتصب في مكانه كارزًا "فلنكمِّل طلبتنا للرب" وتوابعها. وإذا قال رئيس الكهنة " ولتكن رحمة الإله العظيم" بكمالها، فيلبث الشمَّاس في مكانه صامتًا. أمَّا البطريرك فيصعد على درج المائدة المقدَّسة ويكشف الغطاء عن الميرون المقدَّس ويختمه ثلاثًا وهو يقول هذا الإفشين:"يارب الرَّحمة وأب الأنوار، الذي منه كلّ عطيَّة صالحة تُعطى، وكل موهبة كاملة تُمنح، هبنا نحن غير المستحقِّين نعمةً لخدمة هذا السِّر العظيم المحيي، كما أعطيت موسى خادمك الأمين وصموئيل عبدك ورسلك القدِّيسين أيضًا، وأرسل روحك الكلِّي قدسه على هذا الميرون، واجعله مسحةً ملوكيَّة، مسحة روحيَّة، حفظًا للحياة تقديسًا للنُّفوس والأجساد، زيت الابتهاج الذي تقدِّم رسمُه في الشَّريعة العتيقة، والآن أشرق في العهد الجديد الذي به مُسحت الكهنة ورؤساء الكهنة والأنبياء والملوك، وبه أنت أيضًا قد مسحت رسلك القدِّيسين، وجميع المتَّلدين منهم ومن باقي الأساقفة والكهنة بحميم إعادة الكون حتَّى إلى اليوم. نعم أيها السيِّد الإله الضَّابط الكل، إجعله بحلول روح قدسك المسجود له سربال عدم الفساد وختمًا كاملاً راسمًا في المقتبلين حميمك الإلهي تسميتك المكرَّمة واسم ابنك الوحيد وروح قدسك المحيي، ليكونوا أمامك معروفين وبك مختصِّين ومنتسبين، ويصيروا عبيدًا لك وعبداتٍ مقدّسين نفسًا وجسدًا، مطلوقين من كل رذيلة ومعتوقين من كل خطيئة بثوب سربال مجدك الطَّاهر ليعرفوا بهذه العلامة المقدَّسة من الملائكة القدِّيسين ورؤساء الملائكة ومن جميع القوَّات السماويين ويكونوا مرهوبين عند كل الجنّ الخبثاء الأنجاس لكي يحصلوا بختم هذا الميرون الطَّاهر شعبًا خاصيَّاً، كهنوتًا ملوكيَّاً، أمَّة مقدَّسة، ويكونوا حاملين مسيحك في قلوبهم لسكناك أيّها الآب بالروح القدس إلى الدّهور، لأنك قدَّوس أنت يا إلهنا وفي القدِّيسين تحل وتستريح، ولك نرسل المجد، أيها الآب والابن والرُّوح القدس، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين
ثم يقول البطريرك: " السلام لجميعكم"، والشمَّاس يقول: "إحنوا رؤوسكم للرب"؛ والبطريرك يقول هذا الإفشين:" إننا لك أيّها الملك وإله الكل، قد أحنينا عنق القلب شاكرين عوضًا عمَّا أهلتنا، نحن غير المستحقين لأن نكون خدَّامًا لأسرارك هذه الإلهيَّة، ونكرز في الرَّحمة التي أفضتها علينا بسعة، طالبين منك أن تقبل هذا التَّقديس مثل الدّهن على الرأس، لأن الدُّهن المنسكب إنما هو رسم لابنك الوحيد المسيح إلهنا، الذي به يستوعب كل العالم منظورًا وغير منظور عطرًا زكيَّاً، لأنك أنت المسجود لك والممجَّد ولك نرسل المجد والاكرام والسُّجود، أيها الآب والابن والرُّوح القدس، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين
ثم يختم الميرون ويغطِّيه وحينئذ يُشير إلى الشمَّاس ليكرز وهو في مكانه قائلاً: " مع جميع القدِّيسين نتعاهد ذاكرين" وتوابعها. وإذا شارفوا أن يعرضوا الكأس المقدَّسة بعد قول المرتِّل " لقد امتلأت أفواهنا من تسبحتك" بكمالها، فيقف أوَّل الكهنة أمام الأبواب المقدَّسة ويتناول البطريرك الميرون ويدفعه إليه. فحينئذٍ يحرِّك الشمَّاس المراوح ويرفعونها إلى فوق ويذهبون بها كما جاءوا أوَّلاً. ثمَّ يضع الكهنة قارورة الميرون في مكانها؛ وهكذا يُحفظ بقارورته بحيث يحفظ الناردين ".[7
خاتمة
حاولت بهذه الدِّراسة المقتضبة تسليط الضّوء على مراحل تطوُّر المسحة بزيت الميرون منذ العهد القديم وحتَّى استخدامنا إيَّاه في وقتنا هذا بكنيستنا، مع التَّطرُّق لأهميَّته ومفاعيله ومكوناته، ولا ننسى أن طريقة طبخه وتبريكه والمراحل التي تم بها، كلّها تذكِّر بعمق وقدسيَّة وأهميَّة هذه المسحة، إن كانت ظاهريًا على الصَّعيد الجسدي، وإمَّا روحيًا على عظمة هذا السِّر الذي يثبِّت المعتمدين بالإيمان القويم وينجِّي من الشرير والذي يحرس الممسوحين به بمخافة الله الخلاصيَّة بالطَّهارة والبر، ليصيروا مرضيين في كل عمل وقول، ويصيروا أبناء وورثة للملكوت السماوي، فيختم بموهبة الرُّوح القدس
المراجع
أبرص ميشال (المطران)، زيت الميرون المقدَّس مفاعيله ومكوناته، المطبعة البولسيَّة: لبنان 2009
(د.م)، كتاب الأفخولوجيون الكبير، مطبعة دير الرهبان الفرنسيسكان، أورشليم: 1864.
[1] نجد في تحضير زيت الميرون المواد عينها التي طلبها الرَّب من موسى لتحضير زيت المسحة
[2] كلمة يونانيَّة تعني عوض المائدة وهي قطعة من حرير أو كتَّان، رسمت عليها أيقونة تحنيط المسيح، وخُيِّط على ظهرها كيس صغير يحتوي ذخائر القدِّيسين، كانت تستخدم بدل المذبح إبَّان الاضطهاد، ثم انتشر استعمالها
[3] كتاب الأفخولوجيون الكبير، استعمال كهنة الروم الكاثوليك. أورشليم، مطبعة دير الرّهبان الفرنسيسكان 1864 ص297- 298
[4] المرجع نفسه
[5] ترنيمة ترتَّل في الليترجيَّا الإلهيَّة وقت نقل القرابين، سميَّت هكذا لأنها تبدأ بالكلمات التَّالية:" أيها الممثلون الشيروبيم سريَّا"
[6] هو الشَّخص الذي" من أهل البيت"، الذي يقود من يمشي بالزيَّاح، وهو المسؤول عن الترتيل في الكنيسة
[7] كتاب الأفخولوجيون الكبير. أورشليم، مطبعة دير الرهبان الفرنسيسكان، 1865 ص205-207
غاية الدِّراسة هذه لزيت الميرون المقدَّس، هي الخوض في معرفة تاريخ المسحة إستناداً للكتاب المقدَّس بعهديه القديم والجديد، بالإضافة إلى أهميته في حياة الكنيسة، وسأتطرَّق إلى ذكر أسماء هذا الزَّيت لدى الكنيستين الغربيَّة والشَّرقيَّة، ثم ندخل أيضًا في مفاعيل الميرون وارتباطه بسرّ المعموديَّة، بالإضافة إلى استعمالاته، ثم الدُّخول في مكوِّنات هذا الزَّيت الخاص وأنواع العطور المستخدمة معه، وأنتهي بطريقة طبخ الميرون المقدَّس
تاريخ المسحة بالميرون
المسحة بالزَّيت بالعهد القديم
: من خلال النُّصوص التَّاريخيَّة ومن التَّقليد، إذ كان الملوك يُمسحون بالزَّيت رمزًا لاختيار الله لهم كرؤساء ومسحاء للرب، وهي من الدِّين الكنعانيّ والسَّاميّ وقد استعملها الشَّعب العِبرانيّ لتَكريس أماكن الرَّب (تك 28 /18، 35/14) ولرؤساء الكهنة رمزًا لتَكريسهم للرَّب ولشعبه (خروج 29/7) وللكهنة لأنهم مكرَّسون للرب (خروج 28/41، أمَّا علاقته بحلول الروح (1صمو 16/13)، وهي معمولة من الزَّيت (ميخا 6/15) و(خروج 35/7) بالإضافة إلى طلب الله من تحضير الزَّيت (خروج 30/22-33 و 34-38
المسحة بالزَّيت بالعهد الجديد
نجد فكرة المسحة ذاتها مع فهم أوسع لدور الكنيسة وإدراك روحي أهم منه في العهد القديم، إذ أدرجتها الكنيسة بطقوسها وليترجيّتها، ولكنَّها ميَّزت بين الزَّيت المبارك لمسح المؤمنين به ونيل موهبة الرُّوح القدس، وبين زيت الميرون المُعطِي الرُّوح القدس للمعتمد الجديد بسرّ التَّثبيت
أهميَّة زيت الميرون المقدَّس في حياة الكنيسة
عرفت الكنيسة أهميَّة زيت الزَّيتون واستخدمته في طقوسها الدِّينيَّة لكنَّها في القرنين الثالث والرابع عرفت نوعًا خاصًا من المسحة، بخليط مكوَّن من زيت الزيتون والخمر والبلاسم والطُّيوب[1] مكرَّسة لاستعمالات ليترجيَّة وتدعوه "زيت الميرون"، وكلمة الميرون هي كلمة يونانيَّة ومعناها "العطر أو الطيب"، ويتكوَّن من زيت زيتون صافٍ وخمر تكرّسه الكنيسة بصلاة خاصَّة مع إضافة أنواع من الطيوب والبلاسم يطبخه البطريرك عند الحاجة؛ وعادة عند خميس الأسرار يوزَّع هذا الزَّيت على جميع الأساقفة وهم بدورهم يوزِّعونه على رعاياهم.
أسماء زيت الميرون
له عدَّة أسماء، تساعدنا على فهم أشمل لدور هذا الزيت ومفاعيله فبالكنيسة الغربيَّة دعته: زيت مسحة، وتسليم، وإشارة مميزة، وختم. أمَّا بالكنيسة الشرقيَّة: الميرون المقدَّس، والزيت المقدَّس، والسِّر، والتثبيت، والختم. وترمز إلى مادة زيت الميرون ودوره ومفاعيله، إذ هو زيت زيتون، مقدَّس، زيت معطَّر، يتسلَّم الممسوح به رسالة من الكنيسة، وهو إشارة لسر من أسرار الكنيسة تختمه بها مدى العمر، فهو لا يتكرر ولا يُمَّحى
مفاعيل الميرون
له مفاعيل على النَّفس والجسد، إذ لو أخذنا المادتين الأساسيتين اللتين يتكوَّن منهما الميرون، أي زيت الزيتون الصَّافي والخمر وبقينا على مفاعيلها لوجدنا أن الزَّيت يُليِّن الأعضاء والجلد، إذ كانت تُدهن به أعضاء المصارعين وتُدهن به الجروح؛ أمَّا بالنِّسبة للخمر فهو يفرِّح قلب الإنسان، والبلاسم والعطور المضافة إلى الزيت والخمر ترمز إلى نفحة المسيح العطرة
منذ القديم اعتُبر سر الميرون (التَّثبيت) كمُلحق لسر المعموديَّة، لكنَّه من الأساس متميِّز عنه لكنه تطوَّر مع الحفاظ على أساسه من التقليد الرسولي والتأسيس الإلهي؛ وفي حياة يسوع عندما اعتمد وخرج من الماء هبط روح الله عليه على شكل حمامة وإذا صوت الله يقول: "هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت"؛ يُدعى إذاً يسوع المسيح، أي الذي مسحه الله الآب بالروح القدس (متى 3: 13-17)؛ وكذلك دور الرُّوح القدس حسب قول يسوع بأنه روح الحق، إذ عندما أفيض عليهم يوم العنصرة أصبحوا رسلاً بواسلاً يعلنون حقيقة المسيح وقيامته الخلاصيَّة دون خوف بل بجرأة وشجاعة (أعمال 4: 11)، فعلى هذا الأساس فهمت الكنيسة دور الرُّوح ومعنى التثبيت، وأغلب الوثائق القديمة تعلِّمنا عن علاقة المعموديَّة بالتثبيت لكنها تميز بينهما فنجد في (أعمال19: 1-6) و(أعمال 8: 14- 25) كيف تابعت الكنيسة مثل الرسل إعطاء التثبيت بعد المعموديَّة بوضع اليد، ويَرَى التَّقليد المسيحي حقًا بوضع الأيدي جذور المسحة بزيت الميرون لمنح الرُّوح القدس، فيكرَّس المعتمد جنديًا لنشر الإيمان؛ ومن هنا نفهم لقب مسيحي أي الممسوح، ذلك نسبة إلى يسوع بالذَّات الذي يدعى المسيح
سر الميرون وارتباطه بسر المعموديَّة
سر الميرون مرتبط بالروح القدس، لكن مواهب الروح أُعطيت بالمعموديَّة؛ فما قيمة حلول الرُّوح؟ إن الميرون هو تحقيق المعموديَّة التي تهيِّء الموعوظ لجعل التثبيت ممكنًا، وفي الواقع يضفي الميرون على ليترجيا الإنتماء إلى الكنيسة بُعداً جديدًا؛ فهو موهبة وسر متميزان عن المعموديَّة إذ هناك فرق بين مواهب الروح القدس (dora) وختم موهبة الروح القدس (carismata)؛ فبالمعموديَّة
ينال المعتمد مواهب الروح القدس، بينما في سر الميرون، ينال الروح نفسه على أنَّه موهبة؛ وليس فقط مواهبه، إذ هذا الروح هو المرسل المسيحي للكرازة، فبالمعموديَّة نعود إلى الطّبيعة الحقيقيَّة ونتحرَّر من الخطيئة ونتصالح مع الله فنعود على صورته ومثاله، فتهيِّء لسر الميرون وتجعل حصوله ممكنًا، فهذه الموهبة تقود الإنسان الجديد إلى أبعد من الخلاص، بل تفتح باب التألُّه وتجعل الإنسان مسيحيًّا بالمسيح، وتكون خاصَّة الآب وهياكل للروح، إذ يُمسح جسم المعتمد بزيت الميرون من الرأس إلى القدمين ليأخذ الروح القدس، فهو رمز الوحدة والسائل الأبدي الذي يهبنا عدم الموت؛ وهو السلسلة القويَّة التي تجمعنا بعضنا ببعض، وهو قوتنا الرُّوحية وهو يهب الروح القدس والمواهب السبع
إستعمالات زيت الميرون
هو زيت خاص بالتثبيت بعد سر المعموديَّة، ويستعمل لمناسبات طقسيَّة؛ كتبريك كنيسة جديدة أو هيكل جديد، أو الأندميسي[2]، والأواني الجديدة، وتبريك الأيقونات ويفاض على جثة الميت
مكوِّنات الميرون
كان الميرون المقدَّس يُصنع فقط من زيت الزيتون الصَّافي والبلسم كما في الكنائس الغربيَّة الآن ثم أصبح صنعه يتعقَّد في الكنيسة الشَّرقيَّة؛ فنجد أيضًا العديد من الاختلافات في مكوِّناته بحسب الطوائف المكرِّسة له، وكذلك في مخطوطات الطَّائفة ذاتها، لكن هذا لا يمنع من أن تكون المواد الأساسيَّة موجودة في أغلبها؛ والآن سأتطرَّق فقط إلى ذكر مكوِّنات زيت الميرون في الأفخلوجيون البيزنطي[3]: زيت زيتون 13كيلو، خمر صرف بقدر ما يلزم ليُغلى مع الزِّيت يُحرق ليلاً، ثم فارقيون، عود البلسان، أدخر، فلفل، مرّ، ميعه، ميعه قشر، سادج هندي، حبّ البلسان، سعد كوفيّ، حب الدِّبق، سنبل رومي، خيار جنبر، قرنفل، بزر حصلبان، دار فلفل، طاليفر، بطم، دارصيني، فستق البان، باتيتون، مردكوش، لادنه، كنك، أسارون، قاره، زنجبيل، جدوار، قصب الذرذيدة، زراوند، سوسان إسمانجوني (الإيرساء)، مقل أزرق (بوخوس)، عود، بلسم مكاوي بقدر الإمكان ويضاف إليه مسك
يجدر بالذِّكر أن مادَّة زيت الميرون كانت تبقى سبعة أيام على جسم الطفل المعمَّد ويُمنع أن يحمَّم بالماء خلال هذه الأيام، كي تنفذ هذه المادَّة المقدَّسة بعمق في جسمه، فيكتسب منها هذا الأخير مفاعيل الزَّيت (القوَّة والجمال والبرء...) وبعد سبعة أيَّام يحضر الأهل المُعمَّد إلى الكنيسة حيث يمسح له الكاهن الميرون عن جسمه، ثم أصبحت في ما بعد، خمسة أيَّام، ثم ثلاثة، ثم يومًا واحدًا؛ أمَّا الآن، فحالاً بعد المسحة بالميرون، يمسح الكاهن آثار الميرون المقدَّس بقطنة أو بطرف منديل، ويُلبس المعتمد ثيابه كاملة
طريقة طبخ زيت الميرون المقدَّس
سأتطرَّق إلى طريقة طبخ الميرون بالطَّقس البيزنطي الملكي فقط إلتزامًا منِّي بعدد الصَّفحات المطلوبة وتحديداً في إفخولوجيون أورشليم[4]، إذ تجري ابتداءً من عشيَّة أحد الشَّعانين وحتَّى يوم الخميس العظيم المقدَّس مع ليترجيَّا القديس باسيليوس الكبير، وعلى أربع مراحل
المرحلة الأولى: تحضير مواد الطَّبخة الأولى ونقعها في الماء بعد طحنها
المرحلة الثَّانية: رتبة تقديس الماء الصَّغير والطَّبخة الأولى ومدَّتها أربع ساعات
المرحلة الثالثة: الطبخة الثَّانية لمدَّة أربع ساعات بعد إضافة كميَّة من العسل الصَّافي
المرحلة الرَّابعة: الطَّبخة الثَّالثة وإضافة البلسم والمسك
وفي المرحلة الأخيرة يكون الميرون قد برد فيصفَّى ويوضع في القوارير للاستعمال
تبريك الميرون بحسب الطَّقس البيزنطي وتحديداً بحسب أفخولوجيون أورشليم (1865
"إنَّه في يوم الخميس العظيم المقدَّس، حينما يُرتّل عوضًا عن الشيروبيكون[5] (اقبلني اليوم شريكًا في عشائك السرِّي يا ابن الله)، فيُوتي بالأسرار المقدّسة من مكان التَّقدمة إلى المائدة، فيكون أوَّل الكهنة حينئذٍ حاملاً قارورة الميرون وهي مغطَّاة بغطاء الصَّينية قدَّام الأسرار المقدَّسة؛ وأمّا الشَّمامسة فليحملوا سبعة أزواج مراوح ويتقدَّمهم الدوميستيكوس[6] والشَّمامسة الأُخر بالمصابيح. فإذا بلغوا قدَّام الأبواب المقدَّسة، فيدخلون بمروحتين فقط إلى الهيكل كالعادة. أمَّا باقي المراوح الأُخر فتلبث بجانبيّ الأبواب إلى حدّ المائدة المقدَّسة. وأمَّا المتقدِّم في الكهنة فيكون ضابطًا وعاء الميرون منتظرًا البطريرك بإزاء الأبواب الجليلة؛ فإذا عاد البطريرك، فيقبل منه القارورة ويضعها في ناحية الشَّمال على المائدة المقدَّسة جانب الكأس. ثم أن الشمَّاس ينتصب في مكانه كارزًا "فلنكمِّل طلبتنا للرب" وتوابعها. وإذا قال رئيس الكهنة " ولتكن رحمة الإله العظيم" بكمالها، فيلبث الشمَّاس في مكانه صامتًا. أمَّا البطريرك فيصعد على درج المائدة المقدَّسة ويكشف الغطاء عن الميرون المقدَّس ويختمه ثلاثًا وهو يقول هذا الإفشين:"يارب الرَّحمة وأب الأنوار، الذي منه كلّ عطيَّة صالحة تُعطى، وكل موهبة كاملة تُمنح، هبنا نحن غير المستحقِّين نعمةً لخدمة هذا السِّر العظيم المحيي، كما أعطيت موسى خادمك الأمين وصموئيل عبدك ورسلك القدِّيسين أيضًا، وأرسل روحك الكلِّي قدسه على هذا الميرون، واجعله مسحةً ملوكيَّة، مسحة روحيَّة، حفظًا للحياة تقديسًا للنُّفوس والأجساد، زيت الابتهاج الذي تقدِّم رسمُه في الشَّريعة العتيقة، والآن أشرق في العهد الجديد الذي به مُسحت الكهنة ورؤساء الكهنة والأنبياء والملوك، وبه أنت أيضًا قد مسحت رسلك القدِّيسين، وجميع المتَّلدين منهم ومن باقي الأساقفة والكهنة بحميم إعادة الكون حتَّى إلى اليوم. نعم أيها السيِّد الإله الضَّابط الكل، إجعله بحلول روح قدسك المسجود له سربال عدم الفساد وختمًا كاملاً راسمًا في المقتبلين حميمك الإلهي تسميتك المكرَّمة واسم ابنك الوحيد وروح قدسك المحيي، ليكونوا أمامك معروفين وبك مختصِّين ومنتسبين، ويصيروا عبيدًا لك وعبداتٍ مقدّسين نفسًا وجسدًا، مطلوقين من كل رذيلة ومعتوقين من كل خطيئة بثوب سربال مجدك الطَّاهر ليعرفوا بهذه العلامة المقدَّسة من الملائكة القدِّيسين ورؤساء الملائكة ومن جميع القوَّات السماويين ويكونوا مرهوبين عند كل الجنّ الخبثاء الأنجاس لكي يحصلوا بختم هذا الميرون الطَّاهر شعبًا خاصيَّاً، كهنوتًا ملوكيَّاً، أمَّة مقدَّسة، ويكونوا حاملين مسيحك في قلوبهم لسكناك أيّها الآب بالروح القدس إلى الدّهور، لأنك قدَّوس أنت يا إلهنا وفي القدِّيسين تحل وتستريح، ولك نرسل المجد، أيها الآب والابن والرُّوح القدس، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين
ثم يقول البطريرك: " السلام لجميعكم"، والشمَّاس يقول: "إحنوا رؤوسكم للرب"؛ والبطريرك يقول هذا الإفشين:" إننا لك أيّها الملك وإله الكل، قد أحنينا عنق القلب شاكرين عوضًا عمَّا أهلتنا، نحن غير المستحقين لأن نكون خدَّامًا لأسرارك هذه الإلهيَّة، ونكرز في الرَّحمة التي أفضتها علينا بسعة، طالبين منك أن تقبل هذا التَّقديس مثل الدّهن على الرأس، لأن الدُّهن المنسكب إنما هو رسم لابنك الوحيد المسيح إلهنا، الذي به يستوعب كل العالم منظورًا وغير منظور عطرًا زكيَّاً، لأنك أنت المسجود لك والممجَّد ولك نرسل المجد والاكرام والسُّجود، أيها الآب والابن والرُّوح القدس، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين
ثم يختم الميرون ويغطِّيه وحينئذ يُشير إلى الشمَّاس ليكرز وهو في مكانه قائلاً: " مع جميع القدِّيسين نتعاهد ذاكرين" وتوابعها. وإذا شارفوا أن يعرضوا الكأس المقدَّسة بعد قول المرتِّل " لقد امتلأت أفواهنا من تسبحتك" بكمالها، فيقف أوَّل الكهنة أمام الأبواب المقدَّسة ويتناول البطريرك الميرون ويدفعه إليه. فحينئذٍ يحرِّك الشمَّاس المراوح ويرفعونها إلى فوق ويذهبون بها كما جاءوا أوَّلاً. ثمَّ يضع الكهنة قارورة الميرون في مكانها؛ وهكذا يُحفظ بقارورته بحيث يحفظ الناردين ".[7
خاتمة
حاولت بهذه الدِّراسة المقتضبة تسليط الضّوء على مراحل تطوُّر المسحة بزيت الميرون منذ العهد القديم وحتَّى استخدامنا إيَّاه في وقتنا هذا بكنيستنا، مع التَّطرُّق لأهميَّته ومفاعيله ومكوناته، ولا ننسى أن طريقة طبخه وتبريكه والمراحل التي تم بها، كلّها تذكِّر بعمق وقدسيَّة وأهميَّة هذه المسحة، إن كانت ظاهريًا على الصَّعيد الجسدي، وإمَّا روحيًا على عظمة هذا السِّر الذي يثبِّت المعتمدين بالإيمان القويم وينجِّي من الشرير والذي يحرس الممسوحين به بمخافة الله الخلاصيَّة بالطَّهارة والبر، ليصيروا مرضيين في كل عمل وقول، ويصيروا أبناء وورثة للملكوت السماوي، فيختم بموهبة الرُّوح القدس
المراجع
أبرص ميشال (المطران)، زيت الميرون المقدَّس مفاعيله ومكوناته، المطبعة البولسيَّة: لبنان 2009
(د.م)، كتاب الأفخولوجيون الكبير، مطبعة دير الرهبان الفرنسيسكان، أورشليم: 1864.
[1] نجد في تحضير زيت الميرون المواد عينها التي طلبها الرَّب من موسى لتحضير زيت المسحة
[2] كلمة يونانيَّة تعني عوض المائدة وهي قطعة من حرير أو كتَّان، رسمت عليها أيقونة تحنيط المسيح، وخُيِّط على ظهرها كيس صغير يحتوي ذخائر القدِّيسين، كانت تستخدم بدل المذبح إبَّان الاضطهاد، ثم انتشر استعمالها
[3] كتاب الأفخولوجيون الكبير، استعمال كهنة الروم الكاثوليك. أورشليم، مطبعة دير الرّهبان الفرنسيسكان 1864 ص297- 298
[4] المرجع نفسه
[5] ترنيمة ترتَّل في الليترجيَّا الإلهيَّة وقت نقل القرابين، سميَّت هكذا لأنها تبدأ بالكلمات التَّالية:" أيها الممثلون الشيروبيم سريَّا"
[6] هو الشَّخص الذي" من أهل البيت"، الذي يقود من يمشي بالزيَّاح، وهو المسؤول عن الترتيل في الكنيسة
[7] كتاب الأفخولوجيون الكبير. أورشليم، مطبعة دير الرهبان الفرنسيسكان، 1865 ص205-207